المحامون والقضاة،، الأزمة والحل.
بقلم المستشار / محمد فتيح
تكررت وبكل أسف في الآونة الأخيرة عمليات الإصطدام بين السادة المحامين والسادة رجال السلطة القضائية سواء أعضاء النيابة العامة أو القضاة..
ورغم إختلاف الوقائع في كل مرة وعدم وحدة التفاصيل في كل مشكلة تحدث بين قطبي العدالة إلا أن الأمر تكرر بشكل ينبئ عن وجود تراكمات نفسية لدي الطرفين يؤدي إلى تفاقم الأزمة ويخشى معه من خروج الأمر عن السيطرة بما يضر بمصلحة الطرفين و بالمصلحة العامة أيضاً..
ولو طالعنا تاريخ العلاقة بين منصة القضاء ومنصة الدفاع لعلمنا أن الأمور تحولت إلى نقيض ما كانت عليه سابقا من إحترام وتقدير متبادل بين الطرفين و هناك العديد من النماذج في المواقف المتبادلة التي وقف فيها كل طرف
متضامنا مع الآخر بكل حب وتقدير وإحترام..
والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح على جميع المهتمين بالشأن القانوني هو : ما هي أسباب هذا التوتر المتكرر في العلاقة بين الطرفين حديثاً..؟
وأنا من جانبي أعتقد أن هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى هذا الشكل من الخروج على المألوف بين الطرفين..
وأعتقد أن كلا الطرفين يحمل جزءاً من الخطأ في هذا الأمر..
ولعل أهم هذه الأسباب هي تعامل بعض السادة رجال السلطة القضائية بشيئ من الأستعلاء وعدم تقديرهم للمحامين ودورهم في منظومة العدالة وعدم وعي البعض منهم بقيمة الدور الذي يقوم به رجال الدفاع من أجل تحقيق العدالة وأنارة الطريق أمام منصة القضاء لتتمكن من معرفة الحقيقة ويكون حكمها صائبا ناهيك عن عدم مراعاة البعض لزمالة الدراسة وأن المحامي حاصل على نفس المؤهل العلمي الحاصل عليه الجالسون على منصة القضاء بالإضافة إلى سوء إستعمال السلطة من البعض والتصرف بمبالغة في بعض الأحيان..
وعلى الجانب الآخر نجد أن بعض السادة المحامون لا يدركون ضرورة أن تكون لمنصة القضاء هيبتها وشموخها وأنه يجب التعامل مع أعضاء السلطة القضائية بالإحترام الواجب للمهنة وأن ذلك يصب في مصلحة الوطن والعدالة بوجه عام وليس مجرد تشريف شكلي لأعضاء السلطة القضائية ويتجاوز بعض السادة المحامون أحياناً حدود اللياقة في التعامل متعمدا أو بغير وعي بضرورة أن تكون لمنصة القضاء هيبتها وتقديرها..
ولذلك تنشأ من حين لآخر بعض الأزمات بين أفراد من الطرفين وتتفاقم أحياناً لتصل إلى محاكمات..وفي هذه الحالة يشعر المحامون أنهم يحاكمون أمام خصومهم ولا يثقون في خلو الأحكام من التحيز إلي جانب أعضاء السلطة القضائية مما يزيد من حالة الاستياء والغضب ويؤدي إلى زيادة التراكمات النفسية لدى السادة المحامين..
ولعلنا نحتاج بعد هذه التقدمة إلي البحث عن طرق معالجة هذه الأزمة التي باتت تتكرر في الآونة الأخيرة لتلقي بظلالها على العلاقة بين جناحي العدالة وعلى منظومة القضاء بشكل عام..
ومن وجهة نظري المتواضعة فإن الطرفين بحاجة إلى إعادة النظر في نظرة كل منهما للآخر وأن تقوم الجهات المعنية بشؤون كل طائفة بدورها في هذا الصدد.. بمعنى أن يقوم نادي القضاة ومجلس القضاء الأعلى بتوجيه السادة أعضاء السلطة القضائية إلي أن يتعاملوا مع السادة المحامين بالإحترام الواجب للمهنة كما ينص قانون المحاماة و أن يتجنبوا الأزمات قدر أستطاعتهم من أجل المصلحة العامة..
ويتوجب كذلك على نقابة المحامين وشيوخ المحامين أن يوجهوا السادة المحامين إلي حسن التعامل مع السادة أعضاء الهيئة القضائية وأن يتعاملوا معهم بالإحترام الواجب للمهنة أيضاً وفقا لقانون السلطة القضائية وأن يتجنبوا أيضا أختلاق الأزمات قدر المستطاع تحقيقاً للمصلحة العامة..
وهذا كله مع ضرورة محاسبة من يخالف ذلك من الطرفين بمنتهى العدالة والحيادية ليتحقق بذلك الردع الخاص والعام..
وأخيراً….
أعتقد أن الأمر _ رغم تكراره _ لم يتحول إلى ظاهرة وأنه لا يعدو أن يكون حوادث فردية يمكن السيطرة عليها وأن الغالب في العلاقة بين الطرفين هو الإحترام والتقدير المتبادل..
حفظ الله منظومة العدالة بجناحيها ” المحامون والقضاة”